بسم الله الرحمن الرحيم ،
سلام الله عليكم جميعا ،
كنت قد عكفت على كتابة مقدمة لا بأس بها قبل أن أشرع في سرد طريقة والديّ العزيزان في تربيتي أنا و إخوتي ،إلا أن من يحبذون المقدمات كثيرا و الرسميات أرجو أن يعذروني لأني لست جيدة في ذلك ، كفاية لأجلب لكم حمى – عافاكم الله و جنبكم شرها و بلواها – لي حس رديء في ما يتعلق بالمقدمات لذلك أحب أن أكتب لكم ما جال بخلدي دون زيادات !
كما هو واضح في عنوان الموضوع ، أنا بصدد أن أسرد عليكم شيئا من طرق والديّ في تربيتي !
إلا أنني لن أقصر هذا على نفسي ، بل سأكون أسعد من المعتاد إن وجدت تجاوبا منكم و سأكون شاكرة
لكم إن فعلتم المثل و كتبتم كيف ربياك والداك لتعم الفائدة .
..
إن الشيء الوحيد الذي أتذكره دائما أولا فيما يتعلق بطفولتي ، هو تلك الصباحات المفعمة بالآيات القرآنية ، التي طالما عودني والدي أنا و أختي أن نقرأها .. من السابعة صباحا حتى ننهي جزءا كاملا ، نقعد أمامه و كل واحدة منّا تقرأ صفحة واحدة ثم تعطيه للأخرى ، و هكذا دواليك ، إنني أكون سعيدة حينما أنهي قراءة صفحة واحدة دون أية أخطاء ، كنت حينها في السادسة من عمري ، أي قبل أن يتم إدخالي لأحد المدارس ، و هنا لعلكم لاحظتم أنني لا أقصد روضة للاطفال كما فعل أغلبكم ، لا و ألف لا / هكذا سيقول لكم والدي إن طلبتم رأيه في دخولنا لرياض الأطفال ، على كل حال ، أنا سعيدة حتى هذه اللحظة أني درست بجانب أبي ، و أنه كان معلمي ، و أن أختي كانت زميلتي ، كان أبي صارما جدا فيما يتعلق بهجاء الكلمات ، و نطق تشكيل الحرف جيدا ، إلا أنني حينها لم أكن أعي ما الفائدة من ذلك ، كان علينا أن نقرأ أمام والدي يوميا ، إلى أن أصبحت في عمر العاشرة ، كان عليّ أن أعتمد على نفسي و أن أقرأ بنفسي كل يوم ،
إنني يا والدي مازلت محافظة على ما ربيتني عليه ، إنني لن أنسى تلك الأيام و لا عبيرها و سوسنها ، لن أنسى و لن أتجرأ على تناسي تلك الذكريات الثمينة الغالية ، لن أنسى أنك تركتني أختار مصحف لي بنفسي ، و حينما اخترت مصحفا ثقيلا ، خالفتني الرأي ، أخذتني إلى ركن فيه مصاحف صغيرة ، أرواقها قليلة ، أدركت حينها أن عليّ أن أجيد قراءة جزء (عمّ) أولا ، ثم أنتقل إلى باقي القرآن ! مسرورة لأنني كنت بجانبك حينما تستقبل أصدقائك ، و أنا صغيرة . أرى شهامتك و رقيّ تعاملك مع أصدقائك و مع الباقي ، لم أرك تجامل أحدهم و لا تلقي بالا لكلام رخيص يقوله ، لأنك تدرك بأنها أمور دنيوية و الدنيا لا تساوي جناح بعوض !
يا لسعدي / حينما تقول معلمة التربية الإسلامية آية لتستخدمها كدليل ، و تنتظر من يكملها ، أسارع دائما بإكمالها ، و أراها تشيد على كفائتي في ما يتعلق بالآيات القرآنية .. على مدار تلك السنوات التي قضيتها بالمدرسة و أنا هذا هو دأبي ، أنا لم أحفظ القرآن ، و لكن جلوسي أمامك يا والدي و قرآءت القرآن يوميا على مدار أربع سنوات ، كنت قد حفظت شيئا كثيرا ، كل هذا ليس بمجهودي أنا ، بل هي همتك العالية في تربيتنا و أن يكون القرآن هو أول ما نبدأ به يومنا دائمـــــــــــــــــــا !
أمـــــــــــــي / تلك السيدة التي لا يهمها سوى الكتب التي أرمي بها شرقا و غربا و أنا أختار رواية غربية أقرأها ، و كلما قلت لها أنني أريد كتب جديدة تذكرني بذاك الرف من المكتبة الذي يحوي كتب السيرة ، و الفتاوى و ... ، .. يا لحيائي من نفسي و منها ، كيف لا أهتم بهذه الكتب التي من الواجب أن تكون كتبي الأولى ! يا لحيائي الشديد ،
أمي / تلك المرأة الشريفة التي علمتني كيف أقرأ حرفا، و علمتني كيف أختار أصحاب طيبين ،، و إن كنت في سنواتي الأولى من المدرسة لا أستطيع التعارك مع زملائي من الأولاد ، كنت أتمنى لو أنني تمكنت من التعارك
كما أنا متمكنة من القرآءة ! كنت صغيرة آنذاك ! و ما كان همي سوى اللعب بالرمال و إحداث الضجيج !
لماذا لا ندرك فضل الوالدين إلا حينما يتداركنا العمر ، و نغدو كبارا نخجل من ماضينا المظلم بأمور لا قيمة لها مقارنة بوالدينا !
لماذا لا يتبعون أسلوب والديهم في تربية أولادهم ، أولئك المعتدين بأنفسهم الذين لا يدركون فضل الوالدين إلا حينما يتدراكهم العمر !
حينما ندرك أننا مخطئون ، نرى شرارة من الندم تكبر أمامنا ، و نادرا ما نصلحها ؛)
إلا من رحم ربي !